يمكن أن تكون جراحات السمنة مهمة في حياة البعض، لكن من المهم أيضا فهم المخاطر المحتملة والأثر الذي يمكن أن يكون له تأثير خطير على الصحة النفسية. سوف نتناول في هذه المقالة الارتباط بين جراحة السمنة واضطرابات الأكل، أنواع أضرابات الأكل التي يمكن أن تظهر، والعوامل النفسية التي تسهم في تطورها، وتحديد الأعراض، وإدارتها وعلاجها، وأهمية دعم الصحة النفسية، وتصحيح المفاهيم.
في بداية الأمر علينا أن نفهم، ما هي جراحة السمنة، فتلك الجراحة عبارة عن إجراءً يغير الجهاز الهضمي للمساعدة في فقدان الوزن. وعادة ما يتم تقديمها كحل لأولئك الذين لديهم مؤشر كتلة الجسم 40 أو أعلى أو مؤشر كتلة الجسم 35 أو أعلى مع مشاكل صحية ذات صلة. في حين تُعد اضطرابات الأكل مرضًا نفسيًّا خطيرًا يؤثر على علاقة الفرد بالطعام وجسده. ويجب التذكير بأن اضطرابات الأكل يمكن أن تحدث لأفراد من أي حجم، شكل، أو وزن. وفي حين يمكن أن تحسن جراحة السمنة الصحة الجسدية، فإنها يمكن أيضًا أن تثير أو تزيد من حدة اضطرابات الأكل لدى بعض الأفراد، وكذلك تؤدي إلى تفاقم مشاكل أخرى مثل الاكتئاب والقلق المرضي.
الرابط بين جراحة السمنة واضطرابات الأكل.
تشير الأبحاث إلى أن الأفراد الذين يخضعون لجراحة السمنة يتعرضون لمخاطر أكبر في التعرض للاضطرابات نفسية على رأسها الاكتئاب اضطرابات الطعام. وفي الواقع، تشير الدراسات إلى أن ما يقارب 30% من الذين يخضعون لجراحة السمنة يتعرضون للاضطرابات الأكل والاكتئاب والقلق خلال خمس سنوات من إجراء العملية. هذه نسبة كبيرة وتؤكد على أهمية فهم المخاطر المحتملة وتقديم دعم صحي نفسي كافٍ. فإن التغير الكبير والمفاجئ في نمط التغذية وفقدان الوزن يمكن أن يؤدي إلى بدء حدوث اضطرابات الأكل. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي ضغوط المحافظة على فقدان الوزن إلى دائرة مفرغة من التقييد أو التفريغ مثل القئ، والذي يمكن أن يؤدي إلى أسلوب أكل غير المنتظم.
ويضاف إلى ذلك العلاقة الاعتمادية لدى البعض على الأكل، وبالتالي عند إجراء العملية يصبح هناك فراغ عاطفي كبير بسبب غياب الدور السلبي الذي كان يلعبه الطعام، ولذلك تثير العملية خلالا عاطفيا كبيرا يسبب المزيد من الآلم النفسي.
يمكن أن تتخيل أن العملية هي تغير غير محسوب ومفاجئ في نمط الحياة وليس الأكل وحده، فعدم استعدادنا له يمكن أن يفاقم لدينا الكثير من المشكلات النفسية خاصة إذا كانت موجودة في الأصل. فقبل إجراء العملية عليك أن تتسأل ما الذي أوصلك لتلك النقطة وهذه العلاقة المؤذية مع الطعام.
العوامل النفسية المؤثرة بعد جراحة تصغير المعدة:
هناك عدة عوامل نفسية يمكن أن تساهم في تطوير اضطرابات الأكل بعد جراحة تصغير المعدة، وتشمل:
- صورة الجسم: صورة الجسم عامل مهم في تطوير اضطرابات الأكل. بعد جراحة تصغير المعدة، قد يواجه بعض الأفراد مشكلات في التصور عن جسدهم، حيث يرون أن جسدهم أكبر مما هو عليه في الحقيقة.
- الصدمات: يمكن أيضًا أن تساهم الصدمات في تطوير اضطرابات الأكل. فالأفراد الذين يتعرضون لصدمات قد يستخدمون الطعام كوسيلة للتغلب على مشاعرهم. وبالتالي قد تعييد العمليات فتح آلام تلك الصدمات الصعبة.
- حالات صحية نفسية: يمكن أيضًا أن تساهم حالات صحية نفسية مثل الاكتئاب والقلق في تطوير اضطرابات الأكل. بعد جراحة تصغير المعدة، قد يواجه بعض الأفراد صعوبة في التكيف مع التغييرات التي طرأت على جسدهم ويستخدمون الطعام كوسيلة للتغلب على ذلك.
ولذلك من المهم أن نركز على تلك العلامات بعد إجراء العملية لأنها قد تعني الاحتياج إلى طلب المساعدة ومنها أكثرها شيوعا:
- التفكير المهووس حول الطعام والوزن وصورة الجسم.
- اللجوء إلى سلوكيات تقييدية مثل التوقف عن الأكل أو التخلص منها عن طريق القيئ
- تجنب المواقف الاجتماعية التي تتضمن الطعام.
- التعبير عن مشاعر الذنب والخزي أو الانزعاج بعد تناول الطعام.
- فقدان أو زيادة سريعة في الوزن.
- القلق أو الاكتئاب.
استراتيجيات لإدارة العواقب النفسية بعد جراحة تصغير المعدة:
يتضمن العلاج الفعال لاضطرابات الأكل بعد جراحة تصغير المعدة نهجًا متعدد التخصصات. ويمكن أن يشمل ذلك:
- المشورة الغذائية: يمكن أن تساعد المشورة الغذائية الأفراد على إقامة عادات غذائية صحية وتعلم التعرف على وإدارة المؤثرات التي قد تدفعنا لاضطرابات الطعام.
- العلاج النفسي: يمكن أن يساعد العلاج النفسي الأفراد على مواجهة العوامل النفسية التي تسهم في اضطرابهم في الأكل والتعامل مع المشاعر والأفكار بصورة أكثر مرونة
- الأدوية: في بعض الحالات، قد يتم وصف دواء للمساعدة في إدارة أعراض مثل القلق والاكتئاب
- مجموعات دعم: يمكن أن توفر مجموعات الدعم بيئة آمنة وداعمة للأفراد لمشاركة تجاربهم وتلقي الدعم من الآخرين الذين مروا بتجارب مماثلة.
أهمية الدعم النفسي
من الضروري أن يقدم المتخصصون في الصحة النفسية تقييما ودعمًا نفسيًا للمرضى قبل وبعد جراحة تصغير المعدة. يمكن أن يساعد هذا في تحديد عوامل الخطر المحتملة وتوفير الموارد لإدارة وعلاج أي مخاوف صحية نفسية. كما قد يساعد المريض في معرفة ما قد يوجهه وكذلك اتخاذ القرار الصحيح سواء بإجراء العملية أو عدم اجراءها، بالإضافة إلى ذلك، يجب على المتخصصين في الرعاية الصحية تقديم التثقيف حول المخاطر المحتملة والأثر على الصحة النفسية، التي يمكن أن تؤثر بها جراحة تصغير المعدة.
ويوجد الكثير من المفاهيم الخاطئة والشائعة حول جراحة السمنة واضطرابات الأكل ومنها الاعتقاد بأن جراحة السمنة هي علاج للسمنة، فعلى الرغم من أن جراحة السمنة يمكن أن تساعد الأفراد على فقدان الوزن، إلا أنها ليست علاجًا للسمنة. ومن المهم إقامة عادات صحية قبل وبعد الجراحة للحفاظ على فقدان الوزن ومن الأخطاء الشائعة أيضا أن اضطرابات الأكل تؤثر فقط على الأفراد ذوي الوزن المنخفض. ولكن في الحقيقة يمكن للاضطرابات الأكل أن تؤثر على أفراد من أي حجم، شكل، أو وزن . وأخيرا أن جراحة السمنة هي حلاً سريعًا لفقدان الوزن. ولكن في الحقيقة تتطلب جراحة السمنة تغييرات كبيرة في نمط الحياة والالتزام.
أخيرًا، من المهم أن يلجأ المرضى المقدمون على العمليات الجراحية للمتخصصين في الصحة النفسية لتأكد من عدم وجود مخاطر على الصحة النفسية، وكذلك تجنب أي أضرار نفسية قد تحدث بعد العملية. فقد يلجأ البعض للعمليات اعتقادا بأنها حل سحريا لحياته، وهو أمر عار من الصحة وتصور باطل قد يكون له تداعيات سلبية أكثر.